حوار أيماچو كجسر للتفاهم بين المجتمع العربي واليهودي 51 زوجاً من اليهود والعرب اجروا حواراٍ على طريقة الايماچو على مدار ثلاثة أيام وفتحوا قلوبهم لبعضهم البعض في محاولة لبناء جسر تفاهم بين المجتمعين.
"لا يمكن خلق مجتمع ذي حق في الوجود إذا رفضنا أن نلتقي، واذا رفضنا الاصغاء أحدنا للآخر. ولكن في حال التقينا وأصغينا فإننا نحوّل عالمنا الى نسيج متشابك من الكمال والتفاهم" (مارغريت ويثلي)
إختتم مساء السبت الماضي في فندق چولدن طوليب في طبريا اللقاء العربي اليهودي، بمشاركة 51 زوجاً من العرب واليهود من أماكن مختلفة من البلاد، في حوار على طريقة الـ"إيماچو" كجسر بين المجتمعات، ضمن ورشة عمل إستمرت ثلاثة أيام، وذلك بهدف خلق جسر بين المجتمع العربي واليهودي اللذين يعيشان في هذه البلاد، حيث تؤمن المجموعة بأنه فقط من خلال الاتصال المباشر بين الاشخاص المستعدين للانفتاح الواحد للآخر، وللإصغاء للأحاسيس ولضائقات الآخر، يمكن خلق جوّ من المصالحة بين المجتمعين الجريحين من الطرفين. وقد شاركت في اليوم الثالث مجموعة أخرى كانت قد تشكلت في آذار من السنة الماضية ونظمت ورشة عمل مشابهة في القدس.
وقد بدأت ورشة العمل يوم الخميس الماضي بمحاضرات وفعاليات للازواج بمشاركة اخصائيين نفسيين وموجهين متخصصين بطريقة "الايماچو" وتفرعت الفعاليات حيث شملت فعاليات جماعية أحياناً وفعاليات زوجية (للزوج وزوجته) وبمشاركة زوجين أو ثلاثة أزواج في أحيان أخرى، تم خلالها طرح مواضيع وقضايا عادية تحدث بين كل زوجين في الحياة اليومية العادية وتكون أحياناً سبباً لوجود علاقات متوترة او لحدوث مشاكل أو معاناة احد الزوجين او كليهما، وتمت خلال الفعالية اعادة الزوجين الى فترة الطفولة والى الظروف التي مرّ بها كل شخص في محاولة لايجاد علاقة بين وجود الأزمة أو الإشكال في العلاقة بين الزوجين وبين رواسب الماضي، وحلّها بطريقة الحوار والتوجّه والمخاطبة المباشرة بين الزوجين.
كما قدّم المرشدون والموّجهون في ورشة العمل شرحًا ومعلومات وتعليمات حول كيفية المخاطبة والحديث اليومي بين الزوجين لكي يكونا متفاهمين ومتفهّمين الواحد لما يريده ويشعر به آخر، بطريقة مهذبّة ومقنعة وحليمة.
وفي اليوم الثالث وبعد إنضمام المجموعة الثانية التي كانت قد شاركت في ورشة مشابهة في آذار من العام الماضي تم التحدث والحوار بطريقة "الكوميونولوچ" حول التعايش السلمي المشترك، حيث عبّر كل مشارك ومشاركة في حلقات فكرية مشتركة ومتفرّعة، عن كيفية تصوّره للظروف الأمثل للتعايش السلمي المشترك والمشاكل الإجتماعية والسياسية، المحلية والإقليمية والعالمية التي تؤثر على ذلك، وكان في التلخيص شبه إجماع حول ضرورة ان يتعلم ويجيد الطرف اليهودي اللغة العربية والثقافة العربية كوسيلة لقبول وفهم الآخر، بالإضافة الى ضرورة تفهُّم الظروف التي يعيشها كل طرف، وضرورة الاستثمار في التعليم والتربية السليمة وأمور أخرى عديدة تساعد على التعايش السلمي المشترك الذي يجب أن يكون شاملا لعنصر المساواة قبل كل شيء لكي لا يكون التعايش شبيها بالتعايش المشترك بين الفارس والحصان.
"الصنارة": ما هو الإيماچو؟
أورلي ڤرمان (إحدى منظمات الورشة واحدى الموجّهات): إن طريقة "الايماچو" تأسست قبل 52 عاما على يد الدكتور هارڤيل هندريكس، معالج عائلي امريكي كنظرية منهجية لعلاج الازواج والعائلات، تدمج بداخلها عناصر مختلفة من علم النفس النظري، وأساليب إنسانية ووجودية، ورغم أنّ الطريقة تمّ ايجادها بهدف معالجة أزواج وعائلات، فقد تمّ توسيع نطاقها وتطبيقها في مجالات أخرى منها، تأسيس علاقات بين مجتمعات ذات خلفية دينية وإجتماعية وسياسية مختلفة، وتكون أحياناً على صراع الواحد مع الآخر.
"الصنارة": وما هي طريقة الحوار المسمّاة بـ "الكوميونولوچ؟
اورلي: إنها طريقة حوار جماعية مفيدة ترتكز على مبادىء "الايماچو" وتتيح لمجموعات كبيرة التحدث بصراحة وطرح مواضيع حساسة مشحونة بالعواطف.
أساس "الكوميونولوچ": ادراك أهمية وضرورة احترام كل رأي وكل إحساس وكل رسالة وأهمية فهم أحاسيس الشخص الذي يرسلها، بدون الحاجة للموافقة عليها وقبولها، وذلك من خلال قيام الشخص المصغي بتخطي الجسر" ودخوله الى "مناطق" المرسل للأحاسيس والرسائل، حتى لو كانت صعبة ومشحونة بالعواطف العاصفة.
وقد جُربّت طريقة "الكوميونولوچ" في السنوات الاخيرة في أماكن مختلفة في العالم، سواء كان ذلك من خلال خلق حوار في مجتمعات من عدة أصناف (مثل أماكن عمل، عقد صفقات عمل، مجموعات اجتماعية ومجموعات دينية وغيرها)، أو من خلال العلاقة بين مجموعات سكانية مختلفة بينها وبين بعضها حول خلافات دينية وسياسية عميقة.
"الصنارة" ما هي الخطوة الاولى التي تم تعليمها في ورشة العمل؟
أورلي: الخطوة الاولى هي تعليم طريقة "الايماچو" من خلال العلاقة الحياتية بين الزوجين، اعتماداً على مقولة الديلاي لاما :"إنّ إحلال السلام يبدأ بإحلال السلام في البيت". وقد تم تعليم المجموعة المختلطة أسس "الايماچو" وكيفية تطبيقها. في العلاقات بين الزوجين. وقد تبع ذلك تعليم المجموعة حول العلاقات بين افراد المجموعة، من خلال تعلّم وتطبيق طريقة "الكوميونولوچ"، ولاحقاً تم تعميق العلاقة الجماعية .
وفي اللقاءات القادمة سيتم تعميق التفاهم والعلاقة بين المشاركين بشكل يتيح طرح مواضيع مشحونة وحسّاسة بما يتعلق بالعلاقة بين المجتمعين العربي واليهودي.
وأكدّت اورلي على ضرورة مواصلة مثل هذه اللقاءات وجعلها بوتيرة عالية مرّة كل بضعة أسابيع، مشيرة الى أنّ ذلك يُوجب تجنيد أزواج من الوسطين، والى انّ نيّة القائمين على هذه الطرق الوصول الى أطر مختلفة مثل المدارس والمراكز الجماهيرية وغيرها.